موقف الإسلام من الشعر
موقف الإسلام من الشعر
فلا يخفى على كل ذي نظرٍ ما للشعر من منزلة في حياة الأمم ولا سيما أمة العرب قديمًا، فقد احتلَّ الشعرُ عند العرب المنزلةَ الرفيعة، كيف لا؟ وهو الأرشيف الذي يحفظ لكل قبيلة مآثرها وأمجادها وأخبارها، وهو السيفُ المسلط على خصومهم هجاءً وردًّا ودفعًا؛ إذ كان هو الواجهة الإعلامية والقوة الناعمة التي تُدكُّ بها حصون الخصوم دونما مجانيق، ويُرفع بها الوضيعُ مدحًا وفخرًا، ويُسفَّل بها الشريف ذمًّا وقدحًا، فالشعر لديهم كان كما قال أبو فراس:
لذا فَقَلَّ أحدٌ من العربِ ممن “له مسكة أدبٍ، وله أدنى حظٍّ من طبع؛ إلا وقد قال شيئًا من الشعر”[2]، وكان الشريف والوضيع من قبائل العرب تهابُ هجاء الشعراء، وترجو مديحهم، فكم وضعَ منهم وكم رفع! ففي المديح كان الرجل من قبيلة أنف الناقة إذا قيل له: مِمَّن الرجل؟ قال: من بني قريع؛ حياءً من ذلك الاسم فما هو إلا أن قال الحطيئة:
سِيْري أُمَامَ فإنَّ الأكثرينَ حصًى
والأكرمينَ إذا مَا يُنْسبُون أَبَا
قومٌ همُ الأنفُ والأذنابُ غيرُهمُ
ومَنْ يُسَاوي بَأنْفِ النَّاقةِ الذَّنَبا[3]
|
وصار الرجل منهم بعد هذا البيتِ إذا قيل له: ممَّن أنت؟ قال: من بني أنف الناقة مُفاخرًا بذلك مجاهرًا بها صوته[4].
وأما في الهجاء فقد كان الرجل من بني نُمير إذا قيل له: ممَّن الرجل؟ قال: نميريّ كما ترى، فما هو إلا أن قال جرير:
فغُضَّ الطَّرْفَ إنكَ من نُميرٍ
فلا كَعْبًا بلغتَ ولا كِلابا[5]
|
وهذه القصيدة تسميها العرب الفاضحة، وقيل: سماها جرير الدامغة، تركت بني نمير ينتسبون بالبصرة إلى عامر بن صعصعة، ويتجاوزون أباهم نُميرًا إلى أبيه؛ هربًا من ذكر نُمير، وفرارًا مما وسم به من الفضيحة والوصمة[6]، حتى صار الرجل من بني نُمير إذا قيل له: ممَّن الرجل؟ قال: من بني عامر، وصاروا سبَّة ومضربًا للأمثال فيمن أزرى بهم الشعر، حتى إذا أراد شاعرٌ ما أن يهجو قومًا آخرين يقول:
وَسَوفَ يزيدُكم ضعَةً هِجَائي
كما وَضعَ الهجاءُ بني نُمير[7]
|
وقال آخرُ:
تَوَعَّدُنِي لتقتُلني نُميرٌ
متى قتلتْ نميرٌ مَنْ هَجَاها[8]
|
قال الجاحظ: وما علمت في العرب قبيلة لقيت من جميع ما هجيت به ما لقيت نمير من بيت جرير.
ويزعمون أن امرأة مرَّت بمجلس من مجالس بني نُمير، فتأملها ناس منهم فقالت: يا بني نمير، لا قول الله سمعتم ولا قول الشاعر أطعتم! قال الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ… ﴾ [النور: 30]، وقال الشاعر:
فغُضَّ الطَّرْفَ إنكَ من نُميرٍ
فَلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلابَا[9]
|
ولعل من أشهر قصص العرب في ذلك شعرُ الأعشى ميمون بن قيس الذي كان سببًا في زواج بنات المُحلَّق، فقد جاء أن الأعشى قدم مكة وتسامع الناس به، وكانت للمُحلَّق امرأة عاقلة- وقيل: بل أم- فقالت له: إن الأعشى قدم، وهو رجل مُفوَّه، ما مدح أحدًا إلا رفعه، ولا هجا أحدًا إلا وضعه وأنت رجلٌ فقيرٌ خاملُ الذكر، ذو بنات، فلو سبقتَ الناس إليه فدعوته إلى الضيافة ونحرتَ له واحتلتَ لك فيما تشتري به شرابًا يتعاطاه؛ لرجوتُ لك حسن العاقبة، فسبق إليه المُحلَّق، فأنزله وأكرمه، فلما أكل الأعشى وأصحابه، قدَّم إليه الشراب واشتوى له من كبد الناقة، وأطعمه من أطايبها، فلما جرى فيه الشراب وأخذت منه الكأس سأله عن حاله وعِيالِهِ فعرفَ البؤسَ في كلامه، وذكرَ البنات، فقال الأعشى: كُفيتَ أمرهن، وأصبح بعكاظ ينشد قصيدته:
أرقتُ ومَا هذا السُّهادُ المُؤرِّقُ
ومَا بيَ مِن سُقْمٍ ومَا بي مَعْشَقُ
|
ورأى المُحلَّق اجتماعَ الناس، فوقف يستمع، وهو لا يدري أين يريدُ الأعشى بقوله، إلى أن سمع:
فما أتمَّ القصيدة إلا والناس ينسلونَ إلى المُحلَّق يهنئونه، والأشرافُ من كل قبيلةٍ يتسابقون إليه جريًا يخطبون بناته؛ لمكان شعر الأعشى، فلم تُمْسِ من بناتهِ واحدة إلا في عصمة رجل أفضل من أبيها ألف ضعف[10].
ونظرًا لما للشعر والشعراء من منزلةٍ وتأثير وضعتِ الشرعة المحمَّدية ضوابطَ وحدودًا لقائلي الشعر وروَّادهِ، فجاءت نصوص القرآن الكريم وصحيح أحاديث النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- متحدثةً عن ظاهرة الشعر والشعراء، والمتأمل في تلك النصوص يلحظ أن كل نصٍّ منها جاء في سياقٍ معينٍ ومقامٍ محدد يُبيِّن خلاله الشارع الحكيم موقفه من الشعر في ذاك المقام والموقف الذي جاء فيه ذكر الشعر، وسأحاول خلال هذا المبحث الفرعي أن ألملم أشهرَ ما جاء عن الشعر وأصحه في النصوص لكي تتضح معالم الصورة الكاملة في موقف الشرع المطهَّر من الشعر؛ إذ إن الاعتماد على نص واحد وإهمال البقية يُعطي فَهْمًا غير مكتملٍ لموقف الإسلام من الشعر والشعراء؛ لذا سأجمع تلك النصوص مُلحِقًا بكل نصٍّ منها خلاصته في سطر كمقدماتٍ تجمع في نهاية النصوص على شكلِ نقاط للوصول للنتيجة الأقرب للدقة.
أولًا: ذكر الشعر والشعراء في القرآن الكريم:
1-إن أولَ ما يخطُرُ ببالِ الناظرِ في كتاب الله عز وجل حول هذه الجزئيةِ هو تسميةُ سورةٍ كاملةٍ باسم (الشعراء) ما يدل على أهمية قضية الشعر والشعراء في الشريعة حتى أُنزِلت فيهم سورة تُتلى إلى يوم القيامة، قال محمد بن الطاهر بن عَاشُورٍ رحمه الله: “واشتهرت عند السَّلف بسورة الشُّعراء؛ لأنَّها تفرَّدت من بين سور القرآن بذكر كلمة (الشُّعراء) وكذلك جاءت تسميتها في كتب السنة”[11].
ولنا أن نلخِّص مقدمةً أولى لهذه النقطة بقولنا:
أهمية الشعر والشعراء وتأثيرهُ جعلَ الشريعةَ تفردُ لهم سورةً كاملةً باسمهم.
2- قال الله تعالى: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ * وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 221 – 227].
جاءتْ هذه الآية في سياقِ الرد على شبهات المشركينَ حول الوحي، فبدأ القرآن في دحض حججهم الواحدة تِلْوَ الأخرى فقال: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192 – 195]، ثم سرد بقيةَ شبَهِهم وردَّ عليهم حتى جاءَ لزعمهم بأن القرآنَ الكريمِ من كلام الكُهَّان الذي تنزلت به الشياطين على قلبِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال سبحانه وتعالى -مُفْحِمًا لهم-: ﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾ [الشعراء: 210 – 212].
ثم ساقَتِ الآياتُ بعد ذلك توجيهاتها لنبينا الكريم بما اشتملت عليه رسالة القرآن من توحيد الله وإفراده ووجوب تبليغه رسالة ربِّه للناس، وأن ينذرهم جميعًا ابتداءً من عشيرته الأقربين كإشارة إلى أنه لن يغني عنهم شيئًا إن لم يوحِّدوا الله سبحانه وتعالى، وفي ذلك السرد ردٌّ آخرُ غير مباشرٍ، فلو كان من كلام الكُهَّان وتزيين الشياطين لأوجد لقرابتهِ عذرًا في عدم اتباع الرسالة، ولكن لما لم يجدْ لهم عذرًا دلَّ على أنه وحي من لدن عليم خبير، وبعد ذلك عادتِ الآياتُ من جديد وكرَّتْ على شبهتهم حول القرآن وأنه من زخارف الشياطين -حسَب زعمهم- فأوضحت على من تتنزل الشياطين حقيقة، وفي هذا التوضيحِ البديع إقامةٌ للحُجَّة عليهم بتمامها وكمالِها، فقال سبحانه: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ * وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 221 – 227]، فذكرَ في الآيةِ الكريمة أصنافَ مَن تتنزَّلُ عليهم الشياطينُ، وذكرَ من بينِ هذه الأصنافِ (الشعراء) -وهم الشاهد من هذا الاستطراد الذي أردتُ به بيانَ سياق النص وسباقه ولحاقه– وذكر نوعينِ من الشعراء:
أ- شعراء يتبعهم الغاوون ويقولون ما لا يفعلون.
ب- شعراء مؤمنين يذكرون الله كثيرًا ويردون عادية الظلم على الظالمين.
فليس كلُّ الشعراء مذمومين كما هو مشتهر عند بعض العامة؛ قال ابن رشيق: “فأمَّا احتجاجُ مَنْ لا يفهمُ وجهَ الكلامِ بقولهِ تعالى: ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ﴾ [الشعراء: 224] فهو غلط وسوء تأوُّل؛ لأنَّ المقصود بهذا النص شعراء المشركين الذين تناولوا رسول الله بالهجاء ومسّه بالأذى، فأمَّا من سواهم من المؤمنين فغير داخلٍ في شيء من ذلك، ألا تسمع كيف استثناهم الله عز وجل ونبَّه عليهم فقال: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾ [الشعراء: 227] يريدُ شعراء النبي -صلى الله عليه وسلم- ينتصرون له، ويجيبون المشركين عنه؛ كحسَّان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبدالله بن رواحة”[12].
ولنا أن نلخِّص الشاهد من هذه الآية في مقدمةٍ ثانية بقولنا:
هذه الآية الكريمة ذمَّتْ صِنْفًا من الشعراء هم الأشقياء الذين في كل وادٍ يهيمون، ومدحتْ صنفًا آخرَ هم الذين آمنوا وذكروا الله كثيرًا، والآية سكتتْ عن صنفٍ ثالثٍ من الشعراء لم تنطبق عليهم الصفات المذمومة الموجودة في الصنف الأول، ولم تتوفر فيهم الصفات الإيجابية الموجودة في الصنف الثاني ممن يكونُ غالب شعرِهم في سائر المباحات، وحكم هؤلاء سيأتي في المبحث الفرعي الخاص بالشعر والشعراء في السنة النبوية.
3-قال تعالى: ﴿ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ﴾ [الأنبياء: 5].
4-قال تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ﴾ [الصافات: 36].
5-قال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴾ [الطور: 30].
لم يكن في هذه النصوص مدحٌ للشعرِ ولا ذمٌّ له، إنما جاءتْ هذه الآياتُ الكريمات الثلاث في سياقِ بيان الحملة الإعلامية التي شنَّها الكفار على أنبيائهم عامة، وشنَّها كفارُ قريش ضد رسول الإسلام خاصةً، فوصفوا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه شاعرٌ يقرض الشعرَ لا نبيٌّ مرسل.
فنظرًا لمنزلة الشعرِ الكبيرة عند أهل الجاهلية، فإنهم لم يجدُوا أمرًا يصرفونَ به مرتبةَ النبوَّة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثل رميه بأن الوحيَ الفصيح المُعجِزَ الذي جاءَ به هو شعرٌ، وهم هنا لم يَرْمُوا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بتهمةِ الشعرِ محبةً فيه، ولكن حتى يُدنـُوه من منزلة النبوة– مكرًا منهم وتلبيسًا على الناس وتشويشًا لأذهانهم- ولنا أن نلخِّص المقدمة الثالثة من هذه الآياتِ بقولنا:
ليس في هذه الآيات ما يُشيرُ لذمِّ الشعر ومدحه، فالسياقُ الواردةُ فيه هو سياقُ الإخبارِ عن واقعةٍ بعينها، والآيتانِ رقم 7 و 8 اللاحقتان ردٌّ على هذه التهم.
6- قال تعالى: ﴿ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴾ [يس: 69].
7- قال تعالى: ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ ﴾ [الحاقة: 41]
ورَدَتْ هاتانِ الآيتانِ في سياقِ الرد على شبهة رمي الرسول الكريم بالشعرِ، وليس فيهما مدحٌ لمطلقِ الشعر ولا ذم له، فهُمَا كالمكمِّلتينِ للآياتِ الثلاث السابقةِ التي مرَّتْ معنا في رقم 4 و5 و6 اللائي فيها بيان رمي المشركين للرسول -صلى الله عليه وسلم- بالشعر، فجاءتْ هاتانِ الآيتانِ لرد تلك التهمةِ عنه صلى الله عليه وسلم.
بجمع المقدمة الأولى مع المقدمة الثانية والمقدمة الثالثة في موقف القرآن الكريم من الشعر والشعراء نخرج بالنتائج التالية:
1- القرآن الكريم لا يُعطي الشعر والشاعر صفة الذم مطلقًا ولا صفة المدح مطلقًا.
2- القرآن الكريم يتوجهُ بالذم أو بالمدح للشاعر بناءً على موضوع النص الشعري، فإن كان في نصرة الدين أو دعوة للفضيلة كان شعرًا ممدوحًا، وإن كان في التنقُّص من الدعوة والأنبياء والدعوة للرذائلِ كان شعرًا مذمومًا.
3- سكتَ القرآن الكريم عن بيان حكم الشعر المباح.
4- نفى القرآن الكريم عنِ النبي محمدٍ -صلوات الله وسلامه عليه -قولَ الشعرِ مطلقًا، ويدخلُ في نفي قول الشعرِ عنه جميعُ أنواعِ الشعرِ الممدوحِ منه شرعًا والمباحُ كذلك.
ثانيًا: ذكر الشعر والشعراء في صحيح السُّنَّة النبوية:
وردتْ مجموعةُ أحاديث نبوية في بيان موقف السُّنةِ من الشعر والشعراء؛ منها الصحيحُ ومنها الضعيفُ، ولا تخرجُ في مُجملِها عن موقف القرآن الكريم منهما، ولكنها زادتْ توضيحًا وبيانًا لحكم الشِّعْرِ المباحِ الذي سكتَ عنه القرآن الكريم.
وفيما يلي نسرد أهم ما صحَّ وثبتَ منها في صحيح الإمام البخاري -إذ إن صحة الدليلِ يتوقفُ عليها صحة الاستدلال للوصول للحكم الشرعي- وقد سردَ الإمام البخاريُّ في صحيحهِ[13]في باب: ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه؛ هذه النصوص النبوية:
1- قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن من الشعرِ لحكمة»[14]؛ ا هـ.
2- عن جندب -رضي الله عنه- قال: بينما رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يَمشي إِذْ أَصابهُ حجرٌ، فعثرَ، فدَميتْ إِصْبعُهُ، فقال:
«هل أَنتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ
وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ»[15]
|
3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أصدقُ كلمةٍ قالها شاعرٌ كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ»[16].
4- عن سلمة بن الأكوع قَالَ: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى خيبر، فسرنا ليلًا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هُنَيْهَاتِكَ؟ قال: وكان عامرٌ رجلًا شاعرًا، فنزلَ يَحْدُو بِالقومِ يقول:
فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن هذا السَّائِقُ؟» قالوا: عامر بن الأكوعِ، فقال: «يرحمه اللهُ»[17]؛ ا هـ.
5- قصة (رفقًا بالقوارير) وفيه: «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيدَكَ سَوْقًا بِالقوارير»[18]؛ ا هـ.
قلتُ: في إدراج الإمام البخاري لهذه الأحاديث في “باب: ما يجوز من الشعر والرَّجَز والحُدَاء وما يكره منه”؛ بيانٌ لموقفهِ من الشعر إذ إن من المعلوم أن آراء الإمامِ البخاري الفقهية ضمَّنها في صياغته لعناوين أبواب على أحاديث صحيحه كما ذكر أهل العلم؛ فقسَّمَ -رحمه الله- الشعرَ في عنوان الباب إلى ما يجوز منه أو فلنقل: المباحُ منه -وهو المسكوت عنه في القرآن- كشعر الحكمة، والشعر الذي ينشدهُ المرءُ أثناء سفرهِ؛ ليقضي به على الضجر من طول الطريق، والشعر الذي يحتوي على حقٍّ قاله غير المسلم كما في بيت لبيدٍ، فهذا كله يدخل في قبيل الشعرِ المباح الجائزِ.
والقسم الثاني من الشعر: المكروه وهو مذكورٌ في القرآن كما مرَّ معنا وهو ما احتوى على نوع استمالة لقلوب الضعاف من النساء، وله أنواع أخرى مرَّت معنا في بحثنا السابق عن موقف القرآن الكريم من الشعر والشعراء عند الحديث عن آية (الشعراء).
وخلاصة المجموعة الأولى من أحاديث البخاري السالفة نُلخِّصها في مقدمةٍ أولى: بأن الشعر منه ما يجوز وهو المباح شرعًا، ومنه المكروه شرعًا، قال الحافظ ابن حجر: “… والذي يَتَحَصَّلُ من كلام الْعُلَمَاء فِي حَدِّ الشعر الجائز أنه إذا لم يكثر منه في المسجد، وخلا عن هَجْوٍ وعن الإغراق في المدح والكذب المحض والتغَزُّلِ بمُعيَّنٍ لا يحل، وقد نقل ابن عبدالبر الإجماع على جوازهِ”[19]؛ ا هـ كلامه.
بعد ذلك ساقَ البخاري مجموعةً ثانيةً مِنَ الأحاديث المتعلقةِ بالشعرِ، وساقها في بابٍ آخرَ مستقلٍّ لبيان نوعٍ ثالثٍ من أنواعِ الشعرِ -غير نوعيِ المباح الجائز والمكروه اللذينِ ذكرهما في الباب السابقِ- وهو الشعر الممدوحُ الذي جاء ذِكرُ شيءٍ منه في بحثنا لمسألة موقف القرآن الكريم من الشعر والشعراء، فأدرجَ -رحمه الله- في صحيحهِ في بيانِ هذا النوعِ الممدوحِ من الشعرِ “بابَ: هجاء المشركين”، ثم سردَ تحتهُ هذه النصوص:
1- عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالتِ: استأذنَ حسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هجاءِ المشركين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فكيف بنسبي؟»، فقال حسَّان: “لأسُلَّنَّك منهم كما تُسَلُّ الشَّعْرَةُ من العَجين”؛[20] ا هـ.
2- عن هشام بن عُروة عن أبيه قال: ذهبتُ أسبُّ حسان عند عائشة فقالت: لا تسُبَّه فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ا هـ.
3- عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أخًا لكم لا يقول الرفث» يعني بذاك ابن رواحة، قال:
4- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحسان رضي الله عنه: «يا حسَّانُ، أجِبْ عن رسول اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ»[22]؛ ا هـ.
وفي الحديثِ رقم 6153 قولُه -صلى الله عليه وسلم-: «اهْجُهُمْ- أَوْ قَالَ: هَاجِهِمْ- وَجِبْرِيلُ مَعَكَ»؛ ا هـ.
خلاصة المجموعة الثانية من أحاديث البخاري السالفة نلخصها في مقدمةٍ ثانية:
إنَّ الذبَّ عن الفضيلةِ والدينِ وأهلِهِ بالشِّعرِ من القرباتِ المستحسنةِ، والمستحبَّاتِ التي جاءتْ بها الشريعةُ ولا سيَّما إن كانت في الرد عليهم[23]، ولا يُعارض ذلك مطلق النهي عن سبِّ المشركين لئلا يسبوا المسلمين؛ لأنه محمول على البداءة به، لا على من أجاب منتصرًا[24].
بعد ذلك ساقَ الإمام البخاري -رحمه الله- بابًا آخرَ تحت عنوان “باب: ما يكرهُ أن يكون الغالبُ على الإنسانِ الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن” وسردَ فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لَأَنْ يَمتلئ جَوْفُ أَحَدِكُم– وفي رواية: جوف رجلٍ -قَيحًا خَيْرٌ لَهُ مِن أَن يَمتلئَ شِعْرًا»[25] ا هـ.
وخلاصة هذا الباب الثالث من أحاديث البخاري يمكن أن نلخصها في مقدمةٍ ثالثة:
إن الذم في الحديث هنا يكون في حال امتلاءِ القلب بالشِّعْرِ حتى يَغلب عليه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله، فيكون الغالبُ عليه، وأما إذا كان القرآن والعلم الغالِبَيْنِ على الشعرِ فلا يكون جوفُهُ في هذه الحال ممتلئًا من الشعرِ[26].
خلاصةُ الخلاصات:
بجمع المقدمة الأولى مع المقدمة الثانية والمقدمة الثالثة في موقف السنة النبوية من الشعر والشعراء نخرج بالنتائج التالية:
1- الشعرُ منه الجائزُ المباحُ، ومنه المكروه المذموم.
2- الشعرُ منه المستحب ولا سيَّما في الدفاع عن الدين ورد عادية شعراء السوء عن الإسلام.
3- الاشتغال بالشعر المباح يكون مذمومًا مكروهًا إن غلبَ في القلب وطغى واشتغلَ به المرء عن القرآن والعلم النافع[27].
هذا وقد جاءت في خارج صحيح البخاري نصوصٌ أخرى تزيد بيانًا جواز قول الشعر والاستماع إليه بضوابطه، ولكني أكتفي بما جاء في صحيح البخاري؛ لأن ما فيه من نصوص تعدُّ جامعة لأصول الحكم الشرعي المطلوب الموجودة في بقية الصحاح والمسانيد والسنن، وإلا فإن النصوصَ الواردة في الكتب الحديثية الأخرى مما دون كتاب صحيح البخاري تزيد هذه النتائجَ وضوحًا ودلالةً، ولعلَّ أشهرها عند المهتمين بالشعر قصيدة كعبِ بن زهير بن أبي سلمى -رضي الله عنه- المشهورة التي رُوِيَ أنه ألقاها أمام النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان سبب كتابتها أن كعبًا هجا الإسلام قبل أن يُسلِمَ، وبعد فترة من الزمن أسلَمَ وكتبَ هذه القصيدة اعتذارًا، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بإهداءِ بُرْدتهِ له – كما تقول الرواية – وجاء في مطلع القصيدة:
بَانتْ سُعادُ فقلبي اليومَ مَتْبولُ
مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ
|
إلى أن يقول:
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أوْعَدَني
والعفوُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأمُولُ[28]
|
ومع اختلافِ وجهاتِ نظر المحدثين بينَ قبولِ إسناد هذه الرواية وردِّها إلا أن التواترَ الأدبي – إن صحَّ التعبير- يكادُ يُطبقُ على ما فيها من معانٍ، حتى صارتْ سُنَّةً عند الشعراء بل والفقهاء كتابةُ المعارضاتِ عليها، وبعضهم كتب على منوالها من باب المحاكاة والمشاكلةِ في المعنى كما فعل البوصيري في قصيدته المعروفة بـ(البُرْدة)، حيثُ ادَّعى البوصيري أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم-في منامهِ وأنشدها له، فألقى عليه الصلاة والسلام بُرْدتهُ عليه، وجاء في مطلعها:
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ (بذي سلمِ)
مَزجتَ دمعًا جرى من مُقْلةٍ بِدَمِ[29]
|
وهي من عيون الشعرِ لولا ما أخذهُ بعضُ المحققين عليها من مؤاخذاتٍ عقديةٍ من غلوٍّ في بعض ألفاظِها[30]، وقد سارَ الشعراء على نهجه في كتابة المعارضاتِ عليها، ومن تلك المعارضاتِ الشهيرةِ لها أيضًا قصيدةُ أميرِ الشعراء أحمد شوقي الموسومة بـ (نَهْجِ البُرْدةِ) والتي يقول في مطلعها:
ريمٌ على القَاعِ بين البَانِ والعَلَمِ
أَحَلَّ سَفْكَ دَمِي في الأَشْهُرِ الحُرُمِ
يَا لائمي في هَواهُ والهَوى قدرٌ
لو شفَّك الوَجْدُ لم تَعذلْ ولمْ تلمِ [31]
|
وقد كتبَ جمعٌ غفيرٌ غيرُ هؤلاء في معارضتها ولكن هذه أشهرُها، وقد يسَّرَ الله لي أن نسجتُ معارضةً لها باسمِ (حفيدة البُرْدةِ) نشرتها في ديوان (اعتكافِ الشعرِ) جاء في مطلعها:
فهذه الشهرةُ الأدبيةُ طغتْ على الشُّهْرةِ الإسنادية الحديثية، ولمزيدِ من التوسع في معرفة مَن صحَّح إسنادها يُنظر لكتاب (توثيق بانت سعاد في المتن والإسناد)[33] لسعود النفيسان، وكتابِ (القول المستجاد في صحة قصيدة بانت سعاد)[34] لإسماعيل الأنصاري[35] – رحمه الله – وانظر لقولِ من ضعَّف إسنادها (رسالة في تضعيف قصيدة بانت سعاد)[36] لناصر بن حمد الفهد، ومقال (قراءة في قصيدة بانت سعاد)[37] لعبدالعزيز المانع، وكتاب (أسئلة أبي رواحة الحديثية والشعرية)[38] ليحيى الحجوري، وقبلهم الإمام ابن كثير رحمه الله في (البداية والنهاية)[39] حيث يقول: (… وردَ في بعض الروايات أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أعطاه -يعني كعبًا- بُرْدته حين أنشده القصيدة، وهذا من الأمور المشهورة جدًّا، ولكن لم أَرَ ذلك في شيء من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه؛ فالله أعلم)؛ ا هـ بتصرف.
[1] ديوان أبي فراس الحمداني، الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، أبو فراس، مكتبة الشرق، المطبعة الأدبية، بيروت، سنة 1910م، (ص3).
[2] الشعر والشعراء، أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، تح: أحمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، ب ت (1/ 62).
[3] ديوان الحطيئة بشرح ابن السكيت، جرول بن أوس بن مالك، المعروف بالحطيئة، تح: مفيد محمد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت، (ص43-45).
[4] البيان والتبيين (3/ 269).
[5] ديوان جرير، لأبي جعفر محمد بن حبيب، تح: نعمان محمد أمين طه، دار المعارف بالقاهرة، ط 3، (3/ 822).
[6] العمدة في محاسن الشعر وآدابه (1/ 51).
[7] التذكرة الحمدونية، محمد بن الحسن بن حمدون، تح: إحسان عباس، بكر عباس، دار صادر، بيروت، 1996م، ط1 (5/ 99).
[8] المصدر السابق.
[9] البيان والتبيين (3/ 268).
[10] العمدة في محاسن الشعر وآدابهِ (1/ 48- 49).
[11] التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984م، (19/ 89).
[12] العمدة في محاسن الشعر وآدابه (1/ 31).
[13] الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسننه وأيامه، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري (ت: 256هـ)، تح: محمد زهير بن ناصر الناصر، طبعة: دار طوق النجاة، ط1، 1422هـ، (8/ 34).
[14] رقم الحديث: 6145.
[15]رقم الحديث: 6146.
[16]رقم الحديث: 6147.
[17] رقم الحديث: 6148.
[18] رقم الحديث: 6149.
[19] فتح الباري شرح صحيح البخاري (10/ ص539)
[20] رقم الحديث 6150
[21] الحديث رقم 6151.
[22] الحديث رقم 6152.
[23] يُنظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري (10/ 54).
[24] المرجع السابق.
[25] الحديث رقم 6154، 6155.
[26] فتح الباري (10/ 549).
[27] لمعرفة نتائج أخرى وفوائد مزيدة حول المسألة يُنظر “الأحاديث الصحيحة الواردة في ذم الشعر”، سفير بن خلف القثامي، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، ج18، عدد 38، رمضان 1428هـ، (ص135).
[28] شرح قصيدة: بانت سعاد، ابن حجَّة الحموي، تح: علي البواب، مكتبة المعارف، الرياض 1985م، (ص27).
[29] ديوان محمد بن سعيد البوصيري، تح : محمد سيد كيلاني، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1973 م.
[30] يُنظر كتاب: نقد البردة مع الرد والتصحيح، عبدالبديع صقر، دار الاعتصام، القاهرة، 1986م.
[31] الأعمال الكاملة: الشوقيات، أحمد شوقي علي شوقي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1986م، (1/ 190).
[32] اعتكاف الشعر، زكريا الفاخري، دار الفسيفساء، طرابلس، ليبيا، ط1، 2014م، (ص12).
[33] طبعة مكتبة الرشد، الرياض، سنة 1420 هـ.
[34] طبعة دار الصميعي، الرياض، سنة 1419هـ، تح: عبدالعزيز بن فيصل الراجحي.
[35] إسماعيل بن محمد الأنصاري، عالم بالحديث وله عدة مصنفات، من بلاد مالي الإفريقية، استقرَّ في بلاد الحرمين وتوفي بها سنة 1997م.
[36] منشور عام 1413هـ وليس عليه معلومات نشر.
[37] منشور بمجلة المجمع العلمي العراقي، مجلد 33، رجب، 1403 هـ.
[38] (1/ 12) طبعة مجالس الهدى، الجزائر، سنة1424هـ.
[39] البداية والنهاية، إسماعيل بن عمر بن كثير، تح: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر، ط1، 1997م، نشرت 2003م، (7/ 123).