الشاعرة الأميركية لويز غليك تفوز بجائزة نوبل للآداب 2020
بعد نحو 27 عاماً، وعلى خطى مواطنتها توني موريسون التي فازت بها عام 1993، وعن عمر يناهز 77 عاماً، فازت الشاعرة الأميركية لويز غليك بجائزة نوبل للآداب لهذا العام (2020)، وأعلنت الأكاديمية السويدية، أمس، عن فوز غليك، لافتة في حيثيات قرارها إلى أن «غليك كوفئت على صوتها الشعري المميز الذي يضفي بجماله المجرد طابعاً عالمياً على الوجود الفردي».
وبررت الأكاديمية خيارها بأنها «تمنح الجائزة على أساس الجدارة من دون اعتبارات سياسية». وذكرت أن غليك تعمل أستاذة أدب إنجليزي في جامعة يال، «وتسعى إلى طابع عالمي، وفي سعيها هذا تستلهم الأساطير والزخارف الكلاسيكية الموجودة في غالبية أعمالها».
ولدت غليك في مدينة نيويورك، عام 1943، وتعيش في كامبريدج بولاية ماساتشوستس، ومنذ طفولتها عانت من مرض فقدان الشهية العصبي، ولازمها حتى المدرسة الثانوية، ثم تغلبت عليه، وبالإضافة إلى حياتها المهنية مؤلفة، فقد عملت في الأوساط الأكاديمية معلمة للشعر في كثير من المؤسسات.
وأشارت الأكاديمية أن لويز غليك نشرت 12 مجموعة شعرية (معظمها غير معروف عربياً)، كما نشرت بعض المقالات عن الشعر، وتتميز جميعها بالسعي إلى الوضوح، فموضوعاتها عن الطفولة والأسرة، والعلاقة الوثيقة مع الوالدين والأشقاء هي موضوع ظل محورياً معها. في قصائدها تستمع الذات إلى ما تبقى من أحلامها وأوهامها، ولا يمكن لأحد أن يكون أصعب منها في مواجهة أوهام الذات.
تبرز هذه الخصائص في شعر جلين وتتحرك في تدفق شعري مشحوناً بالكثافة العاطفية، كما تشكل الطفولة مسرحاً لفضاء نصوصها، وتمثل رمزية العائلة بعلاقاتها الاجتماعية المتشابكة أحد مظاهر صمود ومواجهة الذات للزمن ومخاطر الحياة.
تعد غوليك واحدة من أبرز الشعراء الأميركيين في جيلها، وقد فازت بكثير من الجوائز الأدبية الرئيسية في الولايات المتحدة، مثل وسام العلوم الإنسانية الوطنية، وجائزة الكتاب الوطنية، وجائزة نقاد الكتاب الوطنية، وجائزة بولينجن، بالإضافة إلى جوائز أخرى. كما عيّنت مستشارة أدبية لمكتبة الكونغرس عام 2003، وحازت على جائزة ولقب الشاعر الأميركي في الفترة من 2003 إلى 2004. وغالباً ما توصف «غليك» بالشاعرة ذات طابع السيرة الذاتية، وبتصويرها المتكرر للخرافة أو التاريخ أو الطبيعة للتأمل في التجارب الشخصية والحياة العصرية.
وكان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد منح غليك ميدالية العلوم الإنسانية خلال حفل أقيم بالبيت الأبيض عام 2015 وسبق لغوليك الفوز بجائزة بولتزر عن مجموعتها الشعرية «ذي وايلد أيريس»، وجائزة «ناشيونال بوك أوراد» في عام 2014.
في إحدى المقابلات الأدبية معها، تتحدث غليك عن الطموح باعتباره أنشودة الأمل بالنسبة للإنسان، قائلة: «ما أتشارك به مع شعراء جيلي هو الطموح، وما أخالفهم فيه هو تعريف هذا الطموح. لا أعتقد أن الإكثار من المعلومات يصنع دائماً قصيدة ثرية. ما يجذبني هو المضمر، الذي لا يقال، الإيجاد، الصمت المعتمد البليغ. ما لا يقال في القصيدة يضمر قوة أكبر. غالباً ما أتمنى أن تصنع قصيدة كاملة من هذا التعبير، أي ما لا يقال، فهو يوازي غير المرئي مثلاً، قوة المخرب، العمل الفني الذي لحق به بعض الخراب أو الذي ليس بكامل. أعمال فنية كهذه تلمح دائماً إلى سياقات أكبر، إنها تلازمنا لأنها غير كاملة، وإن كان الكمال متضمناً فيها في زمن آخر، زمن كانت فيه كاملة، أو كانت ستكون كاملة فيه، وهو متضمن فيها. كل التجربة الدنيوية جزئية. ليس ببساطة لأنها ذاتية، لكن لأن ما نجهله، عن الكون، عن الفناء، أوسع بكثير مما نعرفه. ما هو غير منجز أو ما دمر يعزز هذه الألغاز. المسألة هي في صنع كامل لا يضحى بهذه القوة».
تبلغ قيمة جائزة نوبل المالية 10 ملايين كرونة سويدية، أي نحو «1.1 مليون يورو»، وفازت 16 سيدة بجائزة نوبل للآداب، في مقابل 101 رجل منذ تأسيسها في عام 1901.
من أجواء شعر غوليك، تقول في قصيدة بعنوان «بورتريه» من ديوانها الشهير «عجلة مشتعلة تمر فوقنا»:
«ترسم طفلة إطار الجسد
ترسم ما تجيده، الإطار الخارجي فحسب،
أما الباقي فيملأه البياض
لا تستطيع الطفلة ملء ما تعلم أنه كائن هناك
تدرك أمها. داخل خطوط الإطار الهشة
ليس من حياة
لقد فصلت بين الاثنين
وكطفلة تلتفت الآن إلى أمها
وها أنت ترسمين القلب
في الفراغ الذي صنعته»